هو الوجدُ،
يُمعِنُ بي ثانيةً،
ويمعنُ بي ثالثةً... ورابعة
فأنكبُّ على وجهيَ
مثلَ قَمَرٍ مهجورٍ
أو نجمةِ صبحٍ لا تُدرِكُها الأسماءُ
ثم أمضي نَحْوَ ليلي، وَمنفايَ الوحيد،
يا ليلُ، سوادُكَ
كم ذابت به الألوانُ
وكم شطَّ الحرفُ على نجمِكَ
فتكشَّفَ للنّهارِ سماءُ
حلمٌ ظلَّ يراودني
فصحوتُ غريبًا ...
فارغًا... ينضَحُني الإناءُ
وبدوتُ زاهيًا مثلما أنتَ
تُرَصِّعُكَ اللآلئُ
(والكهاربُ) الحمراءُ.
أيا ليلاً ...
يمضي في عُلَبِهِِ بعضُ مجونٍ
يتستَّرُ بها الشّرفاءُ
فأسيرُ مثلما أنتَ
منهَكًا ...
وأتوجّسُ مِثلَكَ طلوعَ شمسٍ
يُذهبُ عنِّي حَضْرتي
ليستبيحَني الشّعراءُ
فأصيرُ إلى عَجُزِ بيتٍ، أو صدرهِ
غََزَلًا قد يرافِقُهُ الرِّثاءُ
وتعودُ مثلَما أنتَ
تَصْبُغُ بِعَتْمَتِك ضَوْءَ النَّهارِ
ليعودَ الماجنون إلى شهواتِهم
وأبقى وحيدًا دونَكَ
لا عاصمةَ تُؤويني
فَلَكَ نصفُ العواصِمِ
ولكَ ما يشتهي السّاهرون فوق عَتَبات النّوادي
ولكَ الصّباحُ...
ولكَ المساءُ...
ولك ما يشتهي حُلُمي
فأنا الغريبُ الذي
تقرأه أُمُّهُ كلَّ صباحٍ
وأُشْرِقُ على نافذةِ المخيَّمِ دون صياحٍ
فأَنْبُتُ...
أَنْبُتُ...
وما زلتُ صغيرًا،
أُولدُ كُلَّ يَوْمٍ
وأُلقى على قارِعَةِ الحُلُمِ
تتلحَّفُني السّماءُ
وليسَ لي
غيرَ حُلُمٍ ظَلَّ يُراودُني
دونَ عاصمةٍ أو مجون
لكنّه الوجْدُ
يأخذُني إلى عاصمةٍ يتقاسَمُها الجميعُ
فَلا مكانَ لي...
ليلُ الثَّورةِ أفَلَ، وخفَتَت الأَضواءُ
وباتت القدسُ مَلاذًا للخِطابات
وَمَلاذًا للانقساماتِ
عاصمةٌ لتسعينَ حزبٍ يفوقُهم غرباءُ
ويدٌ تحفِرُ تحتَ الرَّدمِ، وما لها إِنْشاءُ
أيا أسماءً تذوبُ رجولتُها
وتمعِنُ بالصّفحِ عن قاتلي
فلْتسقُطِ الأسماءُ
يتملَّكُني سَمُّ الخِياطِ فضاؤهُ
قد باتَ أوسعَ من سلامٍ منشودٍ
وكمْ ضاقَ بيَ الفضاءُ
وباتت تضيقُ بيَ الوُجهَةُ
إلاّ مِنْ وَطَنٍ
تَنْضِجُ فيه الحياةُ على نَغَمٍ
يَطْرَبُ له العملاءُ.
من أقوال الشاعر محمد خضير